للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحب أولًا أن أسجل أني عندما أكتب عن الجيش أرفعه فوق مستوى الأحزاب، فالجيش -كما قال مونتجمري في إحدى المناسبات- هو "ملك الشعب"، ويجب أن يبتعد عن السياسة وأن يظل كذلك، ويجب أن يكون ولاؤه للدولة؛ ولذلك فإني لا أريد أن أزج بقلمي في اتهامات حزبية، وسيان عندي أن يكون النقراشي أو حيدر أو إبراهيم عبد الهادي أو أي رجل من رجال العهد السابق هو المسئول عن حملة فلسطين، وإني أرحب بالتحقيق مع أي منهم إذا كان هناك وجه للتحقيق معه؛ ولكني أخص حيدر باشا وحده بما أكتبه؛ لأنه لا يزال متمتعًا بسلطانه رغم فشله، ولأني أكتب عن المسئولية الإدارية والفنية والعسكرية..

أما المسئولية الدستورية، فمن أراد أن يبحثها من الزملاء الأعزاء فليبدأ بما نشر في بعض الصحف "وثيقة الاتصال"، وبعد تعيين حيدر باشا وزيرًا للحربية؛ من أن معاليه سيكون وزيرًا دائمًا للحربية؛ أي: وزيرًا للحربية في كل وزارة، ولينته الزملاء الأعزاء عند الأزمة الصامتة السريعة التي قامت عند تأليف وزارة الوفد الحالية، والتي كان من جرائها تعيين حيدر باشا قائدًا عامًّا للقوات المسلحة!!

أما أنا فإذا امتنعت عن الكتابة في المسئولية الدستورية؛ فلأني تعهدت أمام النيابة في قضية سابقة بعدم التعرض لهذه الناحية.

ولنعد إلى مسئولية حيدر باشا..

إن معاليه كان يعلم مدى النقص في أسلحة الجيش وذخيرته ومعداته وتدريب جنوده، ويعلم أن هذا النقص وصل إلى حد أن أوقفت التدريبات السنوية لضرب النار، وحدد الضرب بأقل من "المرتب" المعتاد في بعض الوحدات؛ وذلك لعدم وجود طلقات..

وقد حدث في إبريل عام ٤٨ -أي: قبل إعلان الحرب بشهر واحد- أن جاء اللواء أحمد محمد علي المواوي بك إلى القاهرة من مركز قيادته من العريش ليحضر مؤتمرًا لقواد الأسلحة، عقد في مكتب عثمان باشا المهدي رئيس هيئة أركان حرب، وحضره مدير مكتب حيدر باشا نائبًا عن معاليه.. وأبدى قواد الأسلحة -بما فيهم المواوي بك- في هذا المؤتمر مدى النقص الخطير في الأسلحة والعتاد بين جميع الوحدات، وحُمِلَ محضر هذا المؤتمر إلى معالي حيدر باشا.

<<  <   >  >>