للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في استيرادها، تحتاج إلى أيد قديرة لاستعمالها وصيانتها، وتدريب الجنود على القتال بها، ووضع الخطط التي ستشترك في تنفيذها.. ولن يطمئن معاليه إلى أنه وضع هذه الأسلحة في أيدي قديرة إلا بعد أن يبعد عنها الأيدي التي ثبت عدم قدرتها، ثم إن الجيش الآن يتوثب لنهضة جديدة، ويتلهف إلى دم جديد يعوضه عن الدم الذي نزف منه على أرض فلسطين، وهي نهضة لن تقوم إلا على أكتاف قواد أَكْفَاء متعلمين، ولن يغذيها إلا دم نقي غيور على كرامة الجيش ومستقبله.. وواجب الوزير، بل واجب الجميع، أن يدفعوا هذه النهضة إلى الأمام ويباركوها.. ويساهموا فيها، وهي نهضة تقتضي أن يسبقها حركة تطهير كاملة شاملة، سريعة حاسمة، لا يكتفى فيها بتحقيق النيابة، فإن النيابة تبحث عن اللصوص لتأخذ بحق المجتمع عن جريمتهم، ويجب أن تقوم هيئة أخرى لتبحث عن المخطئين، فتبعدهم عن مستقبل الجيش..

هذا هو رأيي؛ بل هذا هو المنطق، الذي أرجو أن يقتنع به معالي الوزير، كما أرجو أن يقتنع به معالي القائد العام للقوات المسلحة!

وإذا قلت: إني أرجو أن يقتنع القائد العام بهذا المنطق، فإني لا أتمادى في الخيال، رغم علامتي التعجب اللتين تعمدت وضعهما في آخر الفقرة السابقة. إنه ليس خيالًا أن يأمر حيدر باشا القائد العام للقوات المسلحة بالتحقيق مع حيدر باشا وزير الحربية السابق!

وليس خيالًا أن يقف مع حيدر باشا أمام المجلس الذي أمر بتشكيله؛ ليعترف بالأخطاء التي وقعت في عهده كوزير للحربية، ثم يبرزها إن وجد وجهًا لتبريرها..

وليس خيالًا أن يتلقى حيدر باشا حكم المجلس عليه بتحميله مسئولية هذه الأخطاء، ثم ينصرف كريمًا، ويقدم استقالته من خدمة جلالة الملك كريمًا مشكورًا..

وكل هذا ليس خيالًا؛ بل حقائق قابلة للتطبيق، فإن أحدًا لا يستطيع أن يدعي بأن حيدر باشا كان يتعمد الخطأ، أو أنه كان يتعمد الهزيمة للجيش؛ بل كل ما هنالك أنه عجز عن الصواب، وعجزت كفاءته عن أن تصل بالجيش إلى النصر، أو تحميه من الانسحاب، والعجز ليس جريمة يعاقب عليها

<<  <   >  >>