كل عليه بما رأى ولم يخبره أحد بسُنة، حتى قدم عبد الرحمن بن عوف، فأخبره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون، وأنه قال:"إذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه، وإذا سمعتتم به بأرض فلا تقدموا عليه"، وهذا عثمان رضي الله عنه لم يكن عنده علم بأن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها، حتى حدثته الفريعة بنت مالك -أخت أبي سعيد الخدري- بقضيتها لما توفي زوجها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"، فأخذ به عثمان.
وأُهدي لعثمان مرة صيد كان قد صيد لأجله فهَمَّ بأكله، فأخبره علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رد لحما أُهدي له، وهذا علي رضي الله عنه يقول:"كنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر، وذكر حديث صلاة التوبة المشهور". وأفتى هو وابن عباس وغيرهما بأن المتوفى عنها زوجها، إذا كانت حاملا تعتد أبعد الأجلين، ولم يكن قد بلغهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيعة الأسلمية؛ حيث أفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بأن عدتها وضع حملها. وأفتى هو وزيد وابن عمر وغيرهم بأن المفوضة إذا مات عنها زوجها فلا مهر لها، ولم تكن قد بلغتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق، وأنه قضى لها بمهر مثلها، وهذا باب واسع يبلغ المنقول منه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عددا كثيرا، وأما المنقول منه عن غيرهم، فلا يمكن الإحاطة به، ومن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأئمة أو إماما معينا، فهو مخطئ خطأ بينًا.