٢- ان يكون للحديث طريقان؛ أحدهما صحيح، وثانيها غير صحيح، فيبلغ هذا الحديث بعض الأئمة من الطريق الذي لم يصح فلا يعمل به، ويبلغ آخرين من الطريق الصحيح فيعملون به، ولهذا وجد في كلام غير واحد من الأئمة تعليق القول بموجب الحديث على صحته، فيقول: قولي في هذه المسألة كذا، وقد رُوي فيها حديث بكذا، فإن كان صحيحا فهو قولي.
٣- أن يكون للحديث طريق واحد، ولكنه يختلف فيه الأئمة؛ فيراه بعضهم صحيحا لعدم القادح لديه في متنه أو سنده، ويراه بعضهم غير صحيح لقادح في سنده أو متنه. وهذا باب واسع، وللعلماء بالرجال وأحوالهم وفي فهم المرويات ودلالتها ما لسائر العلماء في الفنون الأخرى من الاختلاف.
٤- أن يكون الحديث قد بلغه وثبت عنده ولكنه نسيه، وهذا كثير في السلف والخلف؛ ومن ذلك الحديث المشهور عن عمر رضي الله عنه، أنه سئل عن الرجل يجنب في السفر، فلا يجد الماء فقال:"لا يصلى حتى يجد الماء" فقال له عمار. "يا أمير المؤمنين، أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل، فأجنبنا فأما أنا فتمرغت كما تمرغ الدابة، وأما أنت فلم تصل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يكفيك هكذا، وضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه" فقال له عمر: "اتق الله يا عمار". فقال: إن شئت لم أحدث به، فقال: "بل نوليك من ذلك ما توليت".
فهذه سنة شهدها عمر، ثم نسيها حتى أفتى بخلافها، وذكَّره عمار فلم يذكر، ومع ذلك لم يكذِّب عمارًا، وأمره أن يحدث به.
٥- أن يبلغه الحديث ولكنه يرى أن دلالته على الحكم قد عارضها ما يدل على أنها ليست بمرادة، مثل معارضة العام بخاص أو المطلق بمقيد