أو الأمر المطلق بما ينفي الوجوب أو الحقيقة بما يدل على المجاز، إلى غير ذلك من أنواع التعارض.
٦- أن يبلغه الحديث، ولكنه يرى نسخه بدليل آخر، ومن أمثلة ذلك حديث شداد بن أوس، وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفطر الحاجم والمحجوم"، بين الشافعي رحمه الله أن هذا الحديث منسوخ بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وذلك أنه روي في حديث شداد، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح، فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان فقال:"أفطر الحاجم والمحجوم"، وروي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم، فبان بذلك أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان من الهجرة، وأن الثاني كان في حجة الوداع سنة عشر، ومن الأمثلة أيضا حديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، فإنه منسوخ بدليل الإجماع على ترك العمل به.
وهذا وفي كثير من الأحاديث، يجوز أن يكون للإمام حجة في ترك العمل بالحديث، لم نطلع نحن عليها؛ فإن مدارك العلم واسعة، ولم نطلع نحن على جميع ما في بواطن العلماء، والعالم قد يبدي حجته وقد لا يبديها، وإذا أبداها فقد تبلغنا وقد لا تبلغ، وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه وقد لا ندركه، سواء أكانت الحجة صوابا في نفس الأمر أم لا، وقد ذكرنا أمثلة بارزة من أعذارهم في ترك العمل ببعض الأحاديث، وأنه لا يعد طعنا منهم في السنة، أو قصورا في العلم، وجماع هذه الأعذار ثلاثة:"أحدها" عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحديث، "ثانيها" عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك الحديث، "ثالثها" اعتقاده أن ذلك