للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهو عن بعد يتخيل الرسالة ويراها كأنها طريق طويل يقف عند أوله، ويستعرضه كله؛ ليطمئن على أنه لا يوجد به عقبات أو انحناءات خطرة، وكذلك الرسالة يجب أن تبدو له فكرا متسلسلا متصلا، تبدأ بعرض مشكلة وتسير في معالجة هذه المشكلة في اتساق وانسياب حتى تنتهي إلي حل وخاتمة.

ومن الواضح أن هناك فترة زمنية بين كتابة باب وباب آخر، وقد تمتد هذه الفترة عدة سنوات، ولهذا قد ينسى الطالب فيكرر شيئا كتبه من قبل -أو يجد أن فكرة قد أجلها؛ لتكتب في باب قادم، ولكنه نسيها فخلت منها الرسالة، وأحيانا تكون هناك بحوث ظهرت أو مخطوطات نشرت تضيف جديدا لما كتب قبل طبع الرسالة ولا بد أن يقتبس منها الطالب ليجود عمله، وكل هذا يدخل في نطاق اللمسات الأخيرة التي تعد استدراكا لكل ما فات الرسالة في مجموعها.

أرأيت الشاعر وقد انتهى من كتابة قصيدة، ثم عاد لها يحذف بيتا لا يعجبه جرسه، ويستبدل بكلمة كلمة أخرى أرق وأعذب، هذه هي اللمسات الأخيرة.

أرأيت الرسام وقد انتهى من رسم لوحته جزءا جزءا ثم عاد ينظر لها ككل؛ ليطمئن على تناسقها وروعتها وليعمل ريشته لتحقيق ما فاته، هذه هي اللمسات الأخيرة.

<<  <   >  >>