للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما كونها دون رباط ضروري، فتلك هي حال الصيغة التي تأمر باحترام الإنسانية في شخص الغير، كما نحترمها في أنفسنا، وذلك باعتبار الشخصية الإنسانية غاية في ذاتها. إن من الممكن أن نسأل أنفسنا: لماذا يحس العقل المحض، وهو السيد المستقل، والمطلق، بهذه الضرورة في أن يحترم شيئًا آخر دون ذاته؟ أمن المعقول أن نعتبر غاية ما لا يكونها إلا جزئيًّا، تلك الطبيعة المختلطة، المصنوعة من الشيء ومن الفكر، وهي في أصلها محسوسة أكثر منها معقولة؟

ويبدو أن هذه الملاحظة لم تغب بكاملها عن الفكر الكانتي، وربما كان هذا هو السبب في أنه قيد صيغته، حين طلب معاملة الشخصية الإنسانية على اعتبار أن مفهوم "العناية" لا يقتصر عليها وحدها، بل ينطبق "في الوقت نفسه" على غيرها، ولكن هذه الدقة في التعليل لا تلبث بكل أسف أن تضعف بمجرد أن نصل إلى تحديد الواجب العملي الذي ينبع من هذا الاحترام.

وقد كان من الواجب أن يؤدي منطق هذه الثنائية في الطبيعة الإنسانية إلى تأكيد نوع من التفرقة، لا بين الشخصية والفرد فحسب، أي: بين ما آل إلينا على صورة الاشتراك، وما يُعزى إلى كل إنسان بمفرده، ولكن أيضًا بين حقوق العقل وحاجات الجسد.

ولكنا نرى "كانت" يدافع مع الجميع عن حق الناس في الأمن، والواجب الصارم ألا يعتدي أحد على أجسامهم وأموالهم، كما يحرم الاسترقاق والسخرة في جميع أشكالها. وإذن، فلم نكن بحاجة إلى كل هذه الدقة في التحليل، لنصل في النهاية، إلى إلى ترديد أمور تافهة، وأعم من أن يتضمنها المبدأ الذي أعلنه. ألسنا نرى هنا أن النتيجة تتضمن أكثر مما في المقدمات؟ وإذا كان الاحترام يمكن أن يمتد إلى العنصر المحسوس في الإنسان، ويجب أن يكون كذلك، فلماذا نرفض امتداده إلى العنصر المحسوس في مجال آخر؟ ولماذا

<<  <   >  >>