للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإما أن الأمرين سوف يمضيان متوازيين، دون أن يضيق أحدهما بالآخر، وإما أن كلًّا منهما سوف يتجه إلى مناقضة الآخر، لا إلى محايدته فحسب.

وفي الحالة الأولى، لا توجد أية صعوبة عملية، فنحن مثلًا ينبغي ألا نكذب، وألا نقتل؛ وهذان واجبان متوافقان تمامًا، ومن الممكن أن يمضيا معًا. ولا ريب أنه ليس من الضروري أن يفرضا دائمًا في وقت واحد؛ لأن أحدهما خاص "بالكلام" والآخر خاص "بالعمل" بيد أن الحدود المرسومة لكل منهما لم تفرض عليه من خارجه، بل بنصه نفسه، ومن تحليل مفهومه الخاص، وهو عمل يتناسب مع ممارسة الإدراك الإنساني، مستقلًّا عن كل عنصر تجريبي.

أما في حالة التصادم بين الواجبات، فتتفجر صعوبات عظيمة الخطر، وإليك بعض الأمثلة: يجب أن نقول الحقيقة، وأن نكون مؤدبين تجاه الآخرين.

فما العمل حين لا يمكن إعلان الحقيقة القاسية دون حرج؟

يجب أن أمسك عليَّ لساني.

ولكن لو أني كشفت أن العون الذي وعدت به سوف يكون لمصلحة ظلم واضح؟

حرام عليّ أن أكذب، وحرام عليّ أيضًا أن أدع للهلاك نفسًا، ربما أستطيع إنقاذها.

وما العمل عندما تعرض الحقيقة شخصًا آخر بريئًا للخطر؟

إن قول الحقيقة في هذه الحالة يكون على حساب حياة الغير، فهل مثل هذا العمل من أعمال الكرامة المحمودة، أم هو أنانية مذمومة؟

وإذا سمح المرء لنفسه أن يكذب لإنقاذ حياة إنسان، فهل هذا منه احتقار لذاته؟ أم هو تضحية؟ أم هبة لذاته؟

<<  <   >  >>