للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو ما يريده منطق هذا البيان القرآني. فليس يكفي إذن أن يصوغ الشارع شرائع، ويكلف رسله بإبلاغها، بل يجب أن يصل هذا التعليم إلى الناس، وأن يكون هؤلاء الناس على علم به.

وهكذا تحتوي الشرعية جزأين، ثانيهما موجود ضمنًا في المبدأ الذي ينشئ الأول.

وقد أكملت السُّنة النبوية لحسن الحظ هذا الإيجاز في النص، واستخرجت منه صراحة نتائجه، فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى "المجنون" حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر" يحتلم١.

وربما لزمنا هذا أن ننبه القارئ ضد تفسير خاطئ، قد يقع فيه، إذ لا ينبغي أن نستخلص من تشبيه الصبيان بالطائفتين الأخريين، من حيث عدم مسئوليتهما -أنهم جزء مهمل، أو يجوز إغفاله في المجتمع الإسلامي، فللطفل المسلم نظامه الكامل، تمامًا كنظام الرجل البالغ، وحسبنا أن نفتح أي كتاب في الفقه السلفي لنرى ما يخصه في كل فصل من فصوله، بل إنه من الوجه الأخلاقية وحدها، فإن الاستطراد الذي يمكن أن نتطرق إليه، لنوضح ما يجب أن يطلب من الطفل، وما يمكن أن يتسامح فيه، قد يكون أطول من اللازم.

ولكن بالرغم من أن سلوك الأطفال منظم في الشريعة الإسلامية، حتى في أدق تفاصيله، فإن الشرع غير متوجه إليهم، بل إلى آبائهم، وإلى الحكام،


١ أبو داود, كتاب الحدود, باب ١٧، وصحيح البخاري, كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة, باب٧، وقد ذكره البخاري على هذا النحو: "باب لا يرجم المجنون والمجنونة, وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ؟ " "المعرب".

<<  <   >  >>