والخطأ منبع للشر، ولا ينبغي للشر أن ينتصر. والخطأ يولد في المجال الأخلاقي الرذيلة، كما يؤدي في المجال العقلي إلى التزييف، والرذيلة والتزييف هما النقيصتان اللتان تدنسان النفس، وتقللان طاقتها وطهارتها. ولا ريب أن الخطأ حين يحدث لا يوجد شيء يمكن أن يفعل ضده، وعندما لا يكون قد حدث بعد فلا شيء يمكن أن يفعل لاستباقه، وخاصة حين نفترض أننا فعلنا كل ممكن إنسانيًّا لتفاديه، وإذن، فليس اقتدارنا على الصراع ضد الخطأ من حيث كونه حدثًا قد تم فعلًا. أو واقعًا تاريخيًّا عرضيًّا، ولكن إذا ظللنا ساكتين في مواجهة الشر الذي يحدثه الخطأ، فإن الشر سوف يعيد نفسه، ويتمادى، ثم هو بفضل العادة قد يوقظ فينا ميولًا سيئة، كانت حتى ذلك الحين نائمة. وهكذا يمكن أن يتحول العمل الذي تم من قبل على أساس من الغفلة، ليصبح عملًا حرًّا وإراديًّا. وإذن, فإذا كان للخطأ واقعه، فإن له كذلك غايته، فلم يوجد الخطأ من أجل أن يفرض نفسه علينا فرضًا استبداديًّا، ثم يحملها نتائجه المقدورة، وإنما وجد كيما يحرك فضولنا العقلي، وطاقتنا الأخلاقية، حتى نتجنب آثاره السيئة. وإذا كنا لا نستطيع أن ننفي الخطأ في ذاته. فإن لدينا مع ذلك الوسائل التي نحتاط بها من الاتجاهات الشريرة التي يعمل على خلقها، وكذلك من تكرار الغلطة على نحو كثير، وهو أمر قد يحدث في غيبة أي فعل مضاد. إن رد فعلنا سوف يكون مؤثرًا بقدر ما يتمثل في أفعال إرادية قادرة على أن تلمس حساسيتنا، وأن تثبت في ذاكرتنا، وأن تحرك من جديد همنا الأخلاقي، وليس فيما يبدو من ندم عابر، أو اتهام رفيق بأنفسنا. وتلكم هي الحسنات التي ننتظرها من تضحية نرتضيها بحرية على إثر غلطة لم نتعمدها، في الحالات المحددة.