للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كهذا يمكن أن يوجد، دون أن يؤدي في جميع الأنفس إلى هذه الحالات من الشعور بالراحة أو الألم، من الفرح أو الندم. غير أن إلغاء هذه الحالات الخاصة لا يؤدي إلى القضاء على جميع الحالات الداخلية التي يثيرها أداء الواجب أو انتهاكه. ولسوف نرى قريبًا أن كل سلوك، حسنًا كان أو سيئًا، ينشئ حالة داخلية تتناسب معه، وتكون عامة وضرورية.

فأما إذا كان المقصود بكلمة "قانون"، قاعدة يعرفها ويحس بها الإنسان، قانونًا يتصل بمعارفنا ومشاعرنا، فمن الواضح أنه بعد أن يباشر عمله لا يمكن لفكرة الواجب أن تظهر مرة أخرى على مسرح الضمير، دون أن تحدث فيه أصداء، تختلف في درجة عمقها، تعبر عن الرضا في حالة النجاح، وعن الألم في حالة الفشل. وإذا حدث على سبيل الافتراض أن الإنسان الذي فسدت أخلاقه لم يستشعر شيئًا من هذا، وإذا كان قد فقد معنى الخير والشر تمامًا، فماذا يمكن أن يقال سوى أن القانون لا يوجد بالنسبة إليه؟ وهكذا يمضي اللفظان معًا دائمًا؛ لأنهما لا ينفصمان إيجابًا وسلبًا.

هل معنى ذلك أننا نقف إلى جوار النظرية العامة، التي ترى في ندم الضمير ورضاه عقوبة أو مكافأة كافية للقانون الأخلاقي؟

هيهات، فإذا كان كل ما ننتظره من القانون كجزاء على موقفنا نحوه -هو أن يمتعنا أو يؤلمنا فيا له من مشروع صبياني!! إن المتعة والألم اللذين نحس بهما بعد أن نفعل خيرًا أو شرًّا، هما مع ذلك رد فعل لضميرنا على ذاته، أكثر من أن يكونا رد فعل للقانون علينا، فهما تعبيران طبيعيان عن هذا اللقاء، بين شعورين متلاقيين في ذوقنا الخاص، أو متضادين، أي: إننا تبعًا لتوافق شعورنا بالواقع أو تضاربه مع شعورنا بالمثل الأعلى -إما أن نتمتع بحالة من السلام والدعة, ناشئة عن هذا التوازن الداخلي, أي: عن اتفاقنا مع ذواتنا، لا سيما ونحن على وعي بهذه القوة التي منحت لنا كيما ندمج

<<  <   >  >>