للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ- إنقاذ المؤسسات الدينية من أن تهدم:

{لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} ١.

د- وأخيرًا معاقبة المعتدين، وكشف الكرب عن المؤمنين:

{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} ٢.

وهذا هو كل ما وجدناه مرجعًا للجزاءات الطبيعية٣. "= ٢ أو١٢ ب".


١ الحج: ٤٠ "= ١ ب".
٢ التوبة: ١٤ "= ١ ب".
٣ لسنا هنا نتحدث طبعًا عن النتائج التي يقال إنها لازمة. فهي حين التصقت بالموضوع نفسه أضافت إليه أو حذفت منه بعض القيم، دون اعتبار لانعكاساتها على الفرد. وفي القرآن موضوعان يقدران هذا النوع من الغاية الطبيعية، فالمقارنة المعروفة بين الشجرة الطيبة، والشجرة الخبيثة. مع إبراز الصفات الأخلاقية للحق والباطل "طيب وخبيث، قوي وضعيف ... إلخ" هذه المقارنة تؤكد في الوقت نفسه أهدافها الوجودية: قابلية الحياة أو الزوال. "انظر سورة إبراهيم آيتي: ٢٤ و٢٦" ومن هذا القبيل الموازنة بين الزبد الذي يختفي ويتلاشى، والماء الذي يبقى "الرعد: ١٧". ومع ذلك إن هذه النصوص ليست في مكانها هنا إلا من حيث كون دوام الحقيقة وإثمارها يمكن أن تتكفل بتحقيقهما شريعة الفطرة.
ولا ريب أن من العسير أن تثبت على سبيل القطع أن الحقيقة في غنى عن أن تكون معروفة، ومنشورة بقدر كاف، لتكون معترفًا بها، ومدافعًا عنها، ومع أنها قد اضطهدت طويلًا، وأزهقت كثيرًا، فإنها سوف تجد في النهاية تاريخًا منصفًا يرد إليها اعتبارها، وأرواحًا طاهرة تعتنقها.
ومن الممكن أيضًا أن نقول: إن نجاح الكذب، وحياته المؤقتة إنما يدين بهما دائمًا؛ لأنه يتقمص شرائع الحق. وفي نفس النظام الفكري الذي تفيده هذه الموازنات يمكن أن نذكر كثيرًا من النصوص ينحصر استهزاؤها بالوثنية والشرك في أنهما يتوسلان إلى ذوات فانية: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] وهي ذوات عاجزة عن أن تضر أو تنفع، عاجزة عن أن تمنع ما يريد الله أن يكون "٥/ ٧٦ و٦/ ١٧ و٤٦ و٦٢ و٧١ و١٩٢-١٩٨ و١٠/ ١٨ و١٠٦ و١٣/ ١٤ و١٦ و١٧/ ٥٦ و٦٧ و٢١/ ٤٢ و٤٣ و٢٢/ ١٢ و١٣ و٢٥/ ٣ و٥٥ و٢٨/ ٧١ و٧٢ و٣٠/ ٣٠ و٣٥/ ٢ و٣ و١٤ و٣٦/ ٧٥ و٣٩/ ٣٨ و٤٦/ ٥ و٦٧/ ٢٠ و٢١ و٣٠"، وواضح أن الأمر في هذا كله أمر وصف لواقع راهن، وليس أمر إخبار بنتيجة مستقبلة. ولنلاحظ من ناحية أخرى أن عبادة هذه الذوات لا تستتبع هنا نتيجة طبيعية إيجابية، بل هي تستتبع مناقضة.

<<  <   >  >>