للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا النَّار وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١، وعليه فلن يبقى من هذا الاختلاط أي أثر ليوم الجزاء، فمتى ما استقر كل معسكر في مقامه الأبدي، فلن يكون هنالك سوى التهنئة الخالصة بالنسبة إلى بعضهم: {لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} ٢، {وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} ٣، وسوى الفزع الدائم بلا انقطاع للآخرين، بحيث: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} ٤.

وأخيرًا؛ لأن ما يحدث لنا من خير وشر خلال حياتنا الدنيا، لا ينبغي أن يتصور على حدة، على أنه ثواب أو تكفير عن أعمالنا التي قمنا بها، بل على أنه ابتلاء، ومحرك لجهدنا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} ٥.

فمن هذا الاعتبار الثلاثي تنبع ضرورة جزاء، لا يقتصر على كونه كاملًا وخالصًا فحسب، ولكن يكون حسابيًّا محضًا، لا وقائيًّا، فهو ثمرة نهائية للجهد، وليس حثًّا على بذل المزيد منه.

وهكذا ينبغي أن يقابل هذا العالم الحافل بالتكاليف المتكاثرة دائمًا -عالم من المحاسبات، نتصوره على هذا النحو فحسب.

فكيف سلك القرآن ليؤدي هذا التحذير؟ ذلكم هو ما سنمضي في دراسته الآن، حتى نهاية الفصل.


١ ١١/ ١٥-١٦، وانظر أيضًا: ١٧/ ١٨ و٤٢/ ٢٠ و٤٦/ ٢٠.
٢ ١٨/ ١٠٨.
٣ ٣٥/ ٣٠.
٤ ٣٥/ ٣٦.
٥ ٢/ ٢١٤ و٣/ ١٤٠ و١٤١ و١٤٢ و١٥٢ و١٦٦ و٩/ ١٦ و٢١/ ٣٥ و٢٩/ ٢ و٣ و٣٠/ ٤١ و٣٢/ ٢١ و٤٧/ ٣١.

<<  <   >  >>