للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخير من ذلك!.. "أن الفقراء الذين يغبطون١ المتصدقين سوف ينالون نفس الثواب عند الله، في مقابل أولئك الذين يفتن أبصارهم ما عليه شرار الأغنياء من ترف وسرف، فيتمنون أن يحوزوا مال الدنيا حتى ينعموا مثلهم، فهؤلاء لهم نفس العقاب"٢.

هذه النصوص التي لا شك في صحتها لدى نقاد الحديث، لا تتمثل لأعيننا في شكل مجموعة منسجمة، بل يبدو لنا على العكس، أن كلًّا منها يجيب عن طافئة مختلفة، ولذلك نستطيع أن نضعها في ثلاث مجموعات:

١- نية مع محاولة التنفيذ.

٢- نية منعت محاولتها منعًا طارئًا عرضيًّا.

٣- نية فرضية.

وعلى ذلك، فإن الطائفة الأولى التي مثل لها برجلين يقتتلان، لا تدخل مطلقًا في موضوعنا، الذي هو نية بلا عمل، وليس من الصعب أن نتصور في هذا المثال أن يعامل المنهزم بنفس القسوة التي يعامل بها المنتصر، لا لأنه كان يتحرك بروح الحقد والعدوان ذاتها فحسب؛ بل لأنه غارق إلى أذنيه في الصراع، مسخر كل قواه أيضًا في خدمة نيته الشريرة، ولا فرق بينهما إلا في نتيجة جهودهما.

وليس الأمر كذلك بالنسبة إلى الطائفتين الأخريين، حيث كانت النية


١ الغبطة أن يتمنى المرء أن يكون له مثل ما لغيره حتى يفعل الخير مثله.
٢ انظر في ذلك: الترمذي, كتاب الزهد, باب ١٧ حديث ٢٣٢٥ ط. الحلبي، وجاء فيه: "وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيته, فوزرهما سواء" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>