للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يمكن أن يعزى إلا إلى فرصة خارجية، مستقلة عن إرادتهما -فمن الممكن أن نقر بلا ريب فيما بينهما تماثلًا كاملًا.

بيد أننا لا نستطيع من ناحية أخرى أن ننكر ما قد تؤدي إليه ممارسة قدرتنا التنفيذية من قيم إيجابية أو سلبية، في العالم من حولنا، وفي أنفسنا. ومهما قلنا: إن هذه الممارسة قد حظيت بظروف خارجية، فإن الواقع أمامنا يؤكد: أنها على الرغم من أنها أصبحت ممكنة بفضل الطبيعة، فإنها ما زالت ممارستنا نحن؛ لأنها تمت بإرادتنا، وقد كان من المحتمل أن نغفل الاستفادة من هذه الإمكانية، ولكن النتائج التي كسبناها بجهدنا المنفذ، والتي جعلت حقيقتنا أكثر امتلاء وغنى مما كانت عليه من قبل -هذه النتائج هي إبداعنا، ومن ثم يجب أن تضاف إلى رصيدنا.

فكيف بنا إذن نضع الحالتين على قدم المساواة؟

ومع ذلك، إذا أخذنا أقوال الأخلاقيين المسلمين على حرفيتها لكان الأمر هكذا، إذ يبدو أن رأيهم لا يقوم في أساسه على اعتبارات عقلية, ولكن على نصوص كثيرة مروية عن الرسول, صلى الله عليه وسلم.

فلنقف إذن على هذه الأرض، ولنذكر أولًا أقوى هذه النصوص التي استندوا إليها، فمن ذلك ما رواه الأحنف بن قيس عن أبي بكرة، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار".

فقلت: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" ١. وفي حديث آخر يشبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحاب الأعذار القاهرة بالمجاهدين معه: "إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا، إلا كانوا معكم ... حبسهم العذر ".


١ البخاري: كتاب الإيمان, باب ٢٣.

<<  <   >  >>