بما أن الحكم على الحديث صحة وضعفًا مبنيٌّ على أمور، منها عدالة الرواة وضبطهم، أو الطعن في عدالتهم وضبطهم، لذلك قام العلماء بتصنيف الكتب التي فيها بيان عدالة الرواة وضبطهم منقولة عن الأئمة المعدلين الموثوقين، وهذا ما يسمى بـ "التعديل" كما بينوا في تلك الكتب الطعون الموجهة إلى عدالة بعض الراوة أو إلى ضبطهم وحفظهم، منقولة أيضا عن الأئمة غير المتعصبين، وهذا ما يسمى بـ "الجرح" ومن هنا أطلق على تلك الكتب "كتب الجرح والتعديل".
وهذه الكتب كثيرة ومتنوعة، فمنها المفردة لبيان الراوة الثقات، ومنها المفردة لبيان الضعفاء والمجروحين، ومنها كتب لبيان الرواة الثقات والضعفاء. ومن جهة أخرى فإن بعض هذه الكتب عام لذكر رواة الحديث، بغض النظر عن رجال كتاب أو كتب خاصة من كتب الحديث، ومنها ما هو خاص بتراجم رواة كتاب خاص أو كتب معينة من كتب الحديث.
هذا ويعد عمل علماء الجرح والتعديل في تصنيف هذه الكتب عملا رائعا مهمًّا جبارا؛ إذ قاموا بمسح دقيق لتراجم جميع رواة الحديث، وبيان الجرح أو التعديل الموجه إليهم أولا، ثم بيان من أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، وأين رحلوا، ومتى التقوا ببعض الشيوخ، وما إلى ذلك من تحديد زمنهم الذي عاشوا فيه بشكل لم يسبقوا إليه، بل لم تصل الأمم