للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما بعد: فعندما كُلِّفت منذ سنوات بتدريس علم "مصطلح الحديث" في كلية الشريعة، بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وكان المقرر تدريس كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح، ثم قررت الجامعة مختصَرَهُ: كتاب "التقريب" للنووي، وجدت مع الطلبة بعض الصعوبات في تدريس هذين الكتابين -على جلالتهما، وغزارة فوائدهما- دراسة نظامية. فمن هذه الصعوبات التطويل في بعض الأبحاث، لا سيما في كتاب ابن الصلاح١. ومنها الاختصار في البعض الآخر، لا سيما في كتاب النووي٢، ومنها صعوبة العبارة، ومنها عدم تكامل بعض الأبحاث٣، وذلك كترك التعريف مثلا، أو إغفال المثال، أو عدم الفائدة من هذا البحث، أو ذاك، أو عدم التعريج على ذكر أشهر المصنفات، وما أشبه ذلك، ووجدت غيرهما من كتب الأقدمين في هذا الفن كذلك، بل إن بعض تلك الكتب غير شامل لجميع علوم الحديث، وبعضها غير مهذب ولا مرتب، وعذرهم في ذلك هو إما وضوح الأمور التي تركوها بالنسبة لهم، أو الحاجة لتطويل بعض الأبحاث، بالنسبة لزمنهم، أو غير ذلك مما نعرفه أو لا نعرفه.

فرأيت أن أضع بين أيدي الطلبة في كليات الشريعة كتابا سهلا في مصطلح الحديث وعلومه، ييسر عليهم فهم قواعد هذا الفن


١ كبحث "معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه" فقد استغرق ٤٦ صفحة.
٢ كبحث "الضعيف" مثلا؛ إذ لم يتجاوز تسع عشرة كلمة.
٣ مثال ذلك اقتصار النووي في بحث المقلوب على ما يلي: "المقلوب: هو نحو حديث مشهور عن سالم، جعل عن نافع ليرغب فيه، وقلب أهل بغداد على البخاري مائة حديث؛ امتحانا، فردها على وجوهها فأذعنوا بفضله".

<<  <   >  >>