للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اللاذقية عام ٦٨٦ هـ (١٢٨٧م) التي كانت آخر أملاك إمارة أنطاكية المتبقية بين الصليبين. بعد ذلك جاء دور طرابلس، وكانت حصينة، وقد مات أميرها بوهيمند السابع دون وريث، فدب النزاع بث الطامعين في إمارتها، حتى استعان بعضهم بالسلطان قلاوون١، فاستغل هذه الفرصة وهاجمها في جيش لجب يضم أربعين ألفا من الفرسان وأكثر من مائة ألف من الرجال، وفتحها سنة ٦٨٦ هـ (١٢٨٩م) ٢. ثم استولى على بيروت وجبله وبهذا لم يبق بيد الصليبيين سوَى صور٣ وصيدا وعتليت وعكا التي كانت مركز مملكة بيت المقدس بعد سقوط القدس.

ورأى قلاوون أن يؤجل إلى حين الاستيلاء على بقية البلاد من أيدي الصليبيين، فوافق على تجديد الهدنة معهم لمدة عشر سنوات٤ وتوجه إلى دمشق ولكن جموعا صليبية متحمسة وصلت من إيطاليا ٦٨٩ هـ (١٢٩٠م) ونزلت في عكا، وأخذت في الاعتداء على المسلمين المتواجدين خارجها، مما أغضب السلطان قلاوون ودفعه لأن يقسم على الانتقام منهم، وأخذ في الاستعداد لهذا الغرض، ولكنه توفي فجأة وهو في الطريق لتحقيقه٥ عام ٦٨٩ هـ (١٢٩٠م) .

وقد وصف ابن العمري قلاوون رحمه الله بقوله: "كان رجلا مهيبا شجاعا، فتح الفتوحات الجليلة، مثل المرقب وطرابلس، التي لم يجسر أحد من الملوك مثل صلاح الدين وغيره على التعرض لها لحصانتها، وكسر جيش التتار في حمص، وكانوا في ثمانين ألفا"٦.

وقد خلف الأشرف خليل بن قلاوون أباه في السلطنة، لأن أخاه الملك الصالح على بن قلاوون الذي أقامه أبوه ملحَا في حياته قد مات في سنة ٦٨٧ هـ (١٢٨٨م) بعد أن بقي ثماني سنوات سلطانا في حياة أبيه.

ولم يكن الأشرف خليل محبوبا من الأمراء: لأنه كان قاسيا وغير متمسك بحسن الخلق٧، حتى اتهم بدس السم لأخيه علي، وقد استلم الحكم فور وفاة أبيه، وقضى على


١ أبو المحاسن: النجوم: ٧/٣٢٠_ ٣٢١.
٢ المقريزي: السلوك: ١/٦٤٦_ ٦٤٧.
٣ مدينة ساحلية حصينة على بحر الروم (البحر المتوسط) على مرتفع من الأرض. أبو الفداء، تقويم البلدان ص٢٤٣.
٤ سعيد عاشور: الحركة الصليبية: ٢/١١٧٧.
٥ المقريزي: السلوك: ١/٧٥٤. Lane_ Poole: op. cit. p. ٢٨١_ ٢٨٢
٦ علي إبراهيم: ص: ٦١.
٧المقريزي: السلوك: ١/٧٩٢_ ٧٩٣.

<<  <   >  >>