إن العالم يتطلع في هذا العصر إلى أمة تتحمل الواجب المقدس في الدفاع عن الإنسان، هذه الأمة يجب أن تصير قدوة، ولا تصير قدوة إلا إذا عرفت في تاريخها مثلاً يحتذى.
المحاضرة الرابعة في الموسم الثقافي لعام ٨٩-٩٠ الذي تقيمه الجامعة الإسلامية بالمدينة. وقد ألقاها المحاضر على جمع غفير من رجال العلم والحجاج وطلاب الجامعة بمقر دار الحديث.
يعيش إنسان العالم المعاصر أياماً شداداً؛ تظله غيوم التشاؤم، ويملأ نفسه اليأس، إنه في عالم العصر الحديث؛ عصر المدنية الغربية الذاهبة شرقاً وغرباً؛ مدنية المعجزات العلمية والمخترعات الباهرات، مدنية شقَّ صانعوها أجواء الفضاء وحزموا الحقائب للسفر إلى الكواكب؛ مدنية فتحت لأعينها آيات رائعات على عظمة قدرة الله الخالق ودلائل على البارئ المقدر الحكيم! ومع ذلك فإن إنسان هذه المدنية في قنوط وعجز وخوف؛ خوف من مدنيته التي شيدتها يداه، ينظر في كل مكان فيرى رؤوس القنابل النووية في البر والبحر والجو مشرعة تريد أن تنقضَّ، فيغمض عينيه ويهرب بنفسه إلى دنيا الوجوديين والعراة والخنافس والمخدرات؛ خوف على خوف إذا وضع يده على قلبه أنكره. إنسان هذه المدنية يلوك خيبة مريرة، لقد قضى قروناً بحثاً عن السعادة والمعرفة والحق والخير والجمال، وأقام دهراً طويلاً يتشدق بالحرية والعدالة والمساواة، لكنه