ولكن لم خص الله أنبياءه بتلك العناية الكبرى والحفاوة العظمى، وصنعهم كما أراد، كما قال لموسى عليه السلام:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ١.
لأي دور عظيم أعدهم الله إذا صاغهم الصياغة النبوية الفريدة؟
لو علمنا جلال المهمة الملقاة إليهم لعرفنا بعض السر.
لقد ألقى إليهم واجب ثقيل ليس مثله في المهمات العظام شيء أبداً، إنه الواجب الذي يملي عليهم أن يبدؤوا عصراً جديداً ملءه النور، ومدنية محدثة شعارها العلم والتقدم وأن يكونوا أمة هادفة إلى إنقاذ الإنسان وإسعاده بالبلوغ به مرضاة ربه.
إن الله يختار للنهوض بهذه المهمة التي تنوء بأمم الأرض كلها رجلاً فرداً.
فكيف أدى النبي ما عهد به إليه، وأنفذه على وجهه، فتوفاه الله وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة فجعله في الخالدين؟
إن الإلمام بذلك يعين سبلاً وحدها تسلك، وطرقاً وحدها تتبع في إحياء حضارة الإنسان بالعلم والإيمان، وما من مؤمن يطلع على مواقف الرسول الخالدة صلى الله عليه وسلم في القرآن والسيرة إلا يتقن أن استيعاب روح هذه المواقف وتمثلها هو الخطة الوحيدة في تكوين مجتمع إسلامي صحيح سليم.
إنه وجب الاقتداء إذ ثبت الاصطفاء وإذا كان العسير علينا أن نحيط بتلك المواقف في هذه العجالة فلإشارة إلى بعضها كافية: