حاقد على ربه محبة صادقة نقية معينة؟ وهل يجتمع نقي الحب وأسود الحقد في قلب واحد؟.
إن مستنقع الحقد لا ينبت فيه إلا الخبيث، وإن الإلحاد فحمة الحقد على نور السماء.
تعيش البشرية هذه الأيام الشداد، وعلى الذين يستطيعون أن يقدموا لها شيئاً في إنقاذها أن يسرعوا في أداء واجبهم قبل أن تحق من الله كلمة العذاب.
إن الدول الكبرى قدَّمت ما عندها للآخرين؛ القوة المادية الجبارة التي لا ترحم وقالت هذه الدول كلمتها "البقاء والحق للأقوى" فقضت بذلك على آمال الإنسانية التاريخية بالعدالة والإخاء لقد قالت هذه الدول كلمتها الأخيرة، وما في كلمتها إلا الاستعباد والظلم والاضطهاد وخنق الروح والضمير. وإن الواجب يفرض على أولئك الذين عرفوا في تاريخهم وشريعتهم قانوناً غير مظلم والاستعباد أن يقولوا كلمتهم.
إن الدول الكبرى قالت كلمتها، وحيل بيننا نحن المسلمين وبين كلمتنا أن نقولها في حاضرنا ومستقبلنا وفي حاضر الإنسانية ومستقبلها. وأني لأقول - وما قولي بادعاء - ما على ظهر الأرض أمة غيرنا عندها للحق بيان ومنهج، فإن كتابنا يحتفظ بكلمة السماء في صفائها الأزلي الأوَّلي، وإن تاريخنا يشهد بواقع تطبيقي حسن لهذه الكلمة.
إن العالم يتطلع في هذا العصر المضني إلى أمة تتحمل الواجب المقدس في الدفاع عن الإنسان وإخراجه من الظلام إلى النور؛ أمة تستطيع بما فيها من ذخر روحي، وما عندها من قيم إلهية أن تكون أرقى بني الإنسان فكرا وشعورا وأنبله غاية وهدفا، وأقدره على تسلم القيادة في معمع الأخطار. هذه الأمة يجب أن تصير قدوة ولا تصير قدوة إلا إذا عرفت في تاريخها مثلا يقتدى، فريدا كاملا من البشر؛ كاملا في إنسانيته، في حبه الخير وبغضه الشر، لا عوج في طريقته ولا انحراف في شخصيته، تجده كتلة من المعاني الخالدة المتجسدة كلمات وعمل وتنظيم. إذا اتبعته أمته، وتبنت أهدافه ورفعت شعاره، وانطلقت في دروب سيرته صارت حياتها أشبه شيء بحياته.
هذه الأمة التي تستطيع ذلك بإذن ربها هم المسلمون، وذلك المثال الرفيع هو محمد صلى الله عليه وسلم.
إنه لم يبق لنا في هذه الأيام الشداد إلا أن نعود على نبع الفطرة الصافي نستقي منه؛ إنه لابد من العودة إلى الأنبياء.
ولقد جاء كبار الرسل أممهم على حال لا تختلف بما فيها من قلق وظلم وفساد والإلحاد وانحدار في القيم