للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بن أنس وعبيد الله العمري، وبين الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي، وبين أبي ثور وابن أبي شيبة (١) ، فإن الحق يقودك إلى أن تقضي لكل واحد منهم بالفضل.

وهذا طريق الإنصاف لمن سلكه، وعلم الحق لمن أمه ولم يتعده) (٢) .

ورحم الله السلف! فقد كانوا أسبق إلى كل خير وعلم وإنصاف؛ ولهذا لما روى مطر بن طهمان الوراق (ت ١٢٥هـ فيما يقال) حديثاً، وسئل عن معناه، قال: (لا أدري، إنما أنا زاملة) ، فقال له السائل - وكان عاقلاً منصفاً - (جزاك الله خيراً، فإن عليك من كل: حلو وحامض) (٣) .

وانظر إلى إجلال السلف لرواة الحديث، في العبارة التالية: يقول محمد بن المنكدر (ت ١٣٠هـ) : (ما كنا ندعو الراوية إلا رواية الشعر، وما كنا نقول للذي يروي أحاديث الحكمة إلا: عالم) (٤) .

ومما سبق إليه السلف من العلم والخير والحق، التنبيه إلى أن علم الحديث علم لا يقبل الشركة ولا توزيع الهمة على غيره معه.

يقول الربيع بن سليمان المرادي (ت ٢٧٠هـ) تلميذ الشافعي: (مر الشافعي بيوسف بن عمرو بن يزيد (وكان من كبار فقهاء المالكية: (ت ٢٥٠هـ) ، وهو يذكر شيئاً من الحديث، فقال: يا يوسف، تريد أن تحفظ الحديث وتحفظ الفقه؟!! هيهات!!! " (٥) .

وقد قدم الخطيب هذه الكلام من الشافعي، وهو يصف الذي يبرع في علم الحديث بقوله: "أن يعاني علم الحديث دونما سواه لأنه علم لا يعلق إلا بمن وقف نفسه عليه، ولم يضم غيره من العلوم إليه" (٦) .

ثم أخرج الخطيب عقب ذلك العبارتين التاليتين:


(١) هذه الأمثلة الثلاثة، ذكر في كل واحد منها قرينين، الأول منهما إمام في الفقه والثاني =إمام في الحديث؛ فمن ينتقص أحد الإمامين؟!! أمن يستطيع ذلك؟!!!
(٢) المحدث الفاصل للرامهرمزي (١٦٩ - ١٧٠) .
(٣) جامع بيان العلم لابن عبد البر (رقم ١٩٤٤) ، والجامع لأخلاق الراوي للخطيب (رقم ١٣٧١) .
(٤) جامع بيان العلم لابن عبد البر (رقم ١٥٣٣) .
(٥) الجامع للخطيب (٢/٢٥١ رقم ١٥٦٩) .
(٦) الجامع للخطيب (رقم ١٥٦٩) .

<<  <   >  >>