لا يشك مسلم من المسلمين أن القرآن الكريم وعلومه أشرف العلوم على الإطلاق، وأنه أنفع العلوم وأجلها وأعظمها بلا استثناء.
وأهم علوم القرآن الكريم وأعظمها، وما من أجله أنزل، هو تدبر آياته، وفهم معانيه؛ لأن الغاية العظمى من إنزال القرآن هي العمل به، والاعتبار بمواعظه، والاستضاءة بحكمه؛ وذلك لا يحصل أبداً قبل فهم معانيه وتدبر آياته؛ وإلا فكيف يعمل بالقرآن من لم يفهم القرآن؟!
ولا يتم فهم كلام الله تعالى، ولا يمكن أن ندرك معاني كتاب الله المجيد، وإلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلومها، لأن السنة هي الشرح النظري والعملي للقرآن الكريم.
ومن هنا ندخل إلى أعظم ما يبين مكانه السنة وعلومها، وإلى منزلتها بين العلوم على الإطلاق؛ وهو أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم، وإلى معرفة دين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى سواه، إلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلومها!!
أو بعبارة أخرى: بما أن القرآن الكريم أشرف العلوم، وأشرف علومه فهم معانيه لا يكون إلا بالسنة؛ فالسنة إذا أشرف علوم القرآن، أو قل: أشرف العلوم!!
قال الله تعالى:(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)[النحل:٤٤] ، فمنطوق هذه الآية الكريمة يخبر أن إنزال القرآن الكريم كان من أجل بيان النبي صلى الله عليه وسلم له؛ بسنته القولية والفعلية والتقريرية!! وهذا المنطوق غريب جداً لمن تأمله، لأنه يخالف المتبادر إلى الذهن، من أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت من أجل أن تبين القرآن الكريم، أي أن القرآن هو الغاية التي من أجلها جاءت السنة، أما الآية فقد قالت بضد ذلك، حيث جعلت السنة وبيانها غاية من أجلها انزل القرآن!!!
وهذا من إعجاز القرآن في الإشادة بمكانة السنة من القرآن، وفي التأكيد على عدم استغناء القرآن عنها، بل وعلى بطلان مثل ذلك الاستغناء.. إن زعم!!