ومن ذلك أن:(أحمد الله) ، جملة فعلية، و {الحمد للَّهِ} جملة اسمية، والجملة الفعلية دالة على الحدوث والتجدد، في حين أن الجملة الاسمية دالة على الثبوت، كما هو معلوم، وهي أقوى وأدوم من الفعلية، فقولك:(متبصّر) ، أقوى وأثبت من:(يتبصّر) ، و:(مثقف) ، أقوى وأثبت من:(يتثقف) ، و:(متدرب) أقوى وأثبت من: (يتدرب) ، فاختيار الجملة الاسمية أوْلى من اختيار الجملة الفعلية ههنا، إذ هو أدلُّ على ثبات الحمد واستمراره.
ومنها:"أن قولنا: {الحمد للَّهِ} معناه: أن الحمد والثناء حقٌّ لله وملكه فإنه تعالى، هو المستحق للحمد بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد. فقولنا:{الحمد للَّهِ} معناه: إن الحمد لله حقٌّ يستحقه لذاته ولو قال: (أحمد الله) لم يدلّ ذلك على كونه مستحقاً للحمد لذاته. ومعلوم أنَّ اللفظ الدال على كونه مستحقاً للحمد أولى من اللفظ الدال على أن شخصاً واحداً حمده".
ومنها: "أن الحمدَ عبارة عن صفة القلب، وهي اعتقاد كون ذلك المحمود مُتفضِّلاً منعماً مستحقاً للتعظيم والإجلال. فإذا تَلفَّظَ الإنسانُ بقوله:(أحمدُ الله) ، مع أنه كان قلبه غافلاً عن معنى التعظيم اللائقِ بجلال الله، كان كاذباً لأنه أخبر عن نفسه بكونه حامداً مع أنه ليس كذلك. أما إذا قال: الحمد لله، سواء كان غافلاً أو مستحضراً لمعنى التعظيم، فإنه يكونُ صادقاً لأن معناه: أن الحمد حقٌّ لله، وملكه، وهذا المعنى حاصل سواء كان العبد مشتغلاً بمعنى التعظيم والإجلال، أو لم يكن. فثبت أن قوله:{الحمد للَّهِ} أَوْلى من قوله: أحمد الله. ونظيره قولنا:(لا إله إلا الله) ، فإنه لا يَدْخلُه التكذيبُ بخلاف قولنا:(أشهدُ أن لا إله إلا الله) ، لأنه قد