هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن عبارة الحمد هذه يمكن أن تُقالَ بالرفع، أي:(الحمدُ لله) ، ويمكن أن تقال بالنصب، أي:(الحمدَ لله) ، فأي العبارتين أَوْلى بالاختيار؟
والجواب: أن قراءة الرفع، أولى من قراءة النصب، ذلك أن قراءة الرفع تدل على أن الجملة اسمية، في حين أن قراءة النصب، تدل على أن الجملة فعليه بتقدير: نحمد، أو أحمد، أو احمدوا، بالأمر. والجملة الاسمية أقوى وأثبت من الفعلية، لأنها دالةٌ على الثبوت كما مر إيضاحه.
جاء في (الكشاف) : "والعدل بها عن النصب إلى الرفع على الابتداء، للدلالة على ثبات المعنى واستقراره ومنه قوله تعالى:{فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ}[الذاريات: ٢٥] ، رفع السلام الثاني للدلالة على أن إبراهيم، عليه السلام، حَيَّاهُمْ بتحيةٍ أحسن من تحيتهم، لأن الرفع دالٌّ على معنى ثبات السلام لهم، دون تجدده وحدوثه".
وجاء في (البحر المحيط) : "وقراءة الرفع أمكن في المعنى، ولهذا أجمع عليها السبعةُ، لأنها تدل على ثبوت الحمد واستقراره لله تعالى، فيكون قد أخبر بأن الحمدَ مستقرٌّ لله تعالى.. ومَنْ نصب فلا بد من عامل تقديره: أحمد الله أو حمدت الله فيتخصَّصُ الحمدُ بتخصيصِ فاعلهِ وأشعر بالتجدد والحدوث".