وهو - أي الخشوع - أمر مشترك بين القلب والجوارح، سكونها وتَرْكُ الالتفات، وغض البصر وخفض الجناح. وخشوع القلب خضوعه وخشيته وتذلله وإعظام مقام الرب، وإخلاص المقال وجمع الهمة.
"وكان الرجل إذا قام إلى الصلاة، هاب الرحمنَ أن يشدّ بصره إلى شيء، أو يُحَدِّثَ نفسه بشأنٍ من شؤون الدنيا".
وتقديم الوصف بالخشوع في الصلاة على سائر الصفات المذكورة بعده "ما لا يخفى من التنويه بشأن الخشوع".
وللبدء بذِكْرِه أكثرُ من سببٍ يدعو إلى ذلك، فهو علاوة على أهميته، وأنه روح الصلاة، مرتبط بما ورد في ختام السورة السابقة من ذكر الركوع والسجود، فقد قال:{ياأيها الذين آمَنُواْ اركعوا واسجدوا} فذكر ركني الصلاة الظاهرين، وههنا ذكر الركنَ الباطن، فاستكمل ما ذكره هناك.
ثم إن السورة مشحونةٌ بجو الخشوع بشقيه سواء ما يتعلق بالقلب، وما يتعلق بالجوارح وبالدعوة إليه بكل أحواله. فقد كرر الدعوة إلى التقوى، والتقوى أمرٌ قلبي، وهي من لوازم الخشوع فقال:{أَفَلاَ تَتَّقُونَ} .
وقال:{وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاتقون} .
وقال:{إِنَّ الذين هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ} . والخشية والإشفاق أمر قلبي، وهما من لوازم الخشوع.