فاللغو جِماعٌ لما ينبغي اطّراحه من قول وفعل. ووضع هذه الصفة بجنب الخشوع في الصلاة ألطف شيء وأبدعه، فإنَّ الخاشعَ القلبِ الساكنَ الجوارح أبعدُ الناس عن اللغو والباطل. إذ الذي أخلى قلبه لله وأسكن جوارحه، وتَطامنَ وهدأ ابتعد بطبعه عن اللغو والسقط وما تُوجب المروءة اطراحه.
جاء في (الكشاف) : "لما وصفهم بالخشوع في الصلاة أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو ليجمعَ لهم الفِعْلَ والتركَ الشاقَّين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف". ويعني بالفعل الخشوع، وبالترك الإعراض عن اللغو.
والحق أن الخشوع أمرٌ يجمع بين الفعل والترك، ففيه من الفعل جمع الهمة وتذلل القلب وإلزامه التدبر والخشية، وفيه من الترك السكون وعدم الالتفات وغض البصر وما إلى ذلك.
جاء في (التفسير الكبير) : "فالخاشع في صلاته، لا بد وأن يحصل له مما يتعلق بالقلب نهاية الخضوع والتذلل للمعبود. ومن التروك أن لا يكونَ مُلتفتَ الخاطر إلى شيءٍ سوى التعظيم. ومما يتعلق بالجوارح، أن يكون ساكناً مُطْرِقاً ناظراً إلى موضع سجوده، ومن التروك أن لا يلتفت يميناً وشمالاً".
وما بعده من الصفات المذكورة موزعة بين الفعل والترك، أو مشتركة فيهما كما هو ظاهر.