للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولوضع هذه الصفة - أعني الإعراض عن اللغو - بجنب الخشوع له دلالة أخرى، فإن السورة كما شاع فيها جو الخشوع، كما أسلفنا فإنها شاع فيها أيضاً جو الترك والإعراض، وذم اللغو بأشكاله المختلفة.

فمن ذلك أنه قال: {كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صَالِحاً} والعملُ الصالح مناقضٌ للغو وعمل الباطل.

وقال: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ} ، والغمرة هي ما هُمْ فيه من لغوٍ وباطل.

وقال: {أولائك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ، والمسارعة في الشيء ضد الإعراض عنه. و (الخيرات) ضد اللغو والباطل.

وقال في وصف الكفار: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ على أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} ، والنكوص هو الإعراض، والهُجْر من اللغو، وهو القبيح من الكلام والفحش في المنطق.

وقال: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بالحق وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} وقولهم: (به جِنة) من اللغو. وقوله: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} من الإعراض، إذ الكُرْةُ للشيء، إعراضٌ نفسيٌّ عنه.

وقال في وصف الكفار: {وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة عَنِ الصراط لَنَاكِبُونَ} ، وتَنَكُّبُ الصراط، إعراض عن الحق.

وقال: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ} .

وقال فيهم: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، والطغيان هو الباطل وهو من اللغو.

<<  <   >  >>