(مؤتون) بـ (فاعلون) لم يؤدِّ المعاني التي يؤديها هذا التعبيرُ البليغ، وهذا النَّظْمُ الكريم، وهي معانٍ جليلة مرادة كلها.
فإن (الزكاة) اسم مشترك بين عدة معانٍ، فقد يطلق على القَدْر الذي يخرجه المزكّي من ماله إلى مستحقه، أي: قد تطلق على المال المخرَج.
وقد يطلق على المصدر بمعنى: التزكية، وهو الحدث، والمعنى: إخراج القدْر المفروض من الأموال إلى مستحقه.
وقد تكون بمعنى العمل الصالح، وتطهير النفس من الشرك والدنس، كما قال تعالى:{فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً}[الكهف: ٨١] .
وقال:{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[الشمس: ٩-١٠] . أي: أفلح من طهّر نفسه وخلَّصها من الدنس والسوء.
وهذه المعاني مجتمعة يصح أن تكون مرادة في هذا التعبير.
ذلك أنه يصح أن يكون المعنى: والذين هم يؤدون الزكاة، وذلك على تضمين (فاعلون) معنى (مؤدّون) أو على تقدير مضاف محذوف، أي: والذين هم لأداء الزكاة فاعلون. فأصلُ الكلام على هذا:(والذين هم فاعلون الزكاة) . فالزكاة مفعولٌ به لاسم الفاعل (فاعلون) ، ثم قدم المفعول للاختصاص فصار (الزكاةَ فاعلون) كما تقول: (أنا زيداً ضارب) ، ثم زيدت اللام لتوكيد الاختصاص، وهو قياس مع مفعول اسم الفاعل تقدم أو تأخر، كما قال تعالى:{وَهُوَ الحق مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ}[البقرة: ٩١] . ونسمي هذه اللام لام التقوية. وبهذين التقديرين يكون المقصود بالزكاة اسم العين، وهو المال الذي يُخرج لمستحقه.