جاء في (البحر المحيط) : " (حفظ) لا يتعدى بعلى.. والأولى أن يكون من باب التضمين ضُمِّنَ (حافظون) معنى ممسكون أو قاصرون، وكلاهما يتعدى بعلى كقوله:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}[الأحزاب: ٣٧] ".
وجاء في (فتح القدير) : "ومعنى حفظهم لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما لا يَحلُّ لهم.. وقيل: إن الاستثناء من نفي الإرسال المفهوم من الحفظ. أي: لا يرسلونها على أحد إلا على أزواجهم. وقيل: المعنى: إلا والين على أزواجهم وقَوَّامين عليهم".
إن اختيار هذا التعبير اختيار عجيب، وفيه آياتٌ عظيمة لمن تدبر ونظر. ذلك أنه قال:{والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} ، ولم يقل (ممسكون) أو نحو ذلك مما فسر به. وفي اختيار (الحفظ) سر بديع، ذلك أن الذي يمسك فرجه عما لا يحل يكونُ حافظاً لنفسه ولفرجه من الآفات والأمراض والأوجاع التي تصيبه، وهي أمراضٌ وبيلة وخيمةُ العاقبة. ومَنْ أرسله في المُحَرَّمات، فإنما يكون قد ضَيَّعه وضَيَّعَ نفسه.
جاء في الحديث:"لم تظهر الفاحشةُ في قوم قط حتى يُعْلِنُوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا"
واختيار {غَيْرُ مَلُومِينَ} في قوله: {إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} اختيار لطيف، ذلك أنه علاوة على ما يفيده ظاهر النص من أن الذي يعتدي على أعراض الناس مَلُومٌ على ما فعل، فإنه يفيد أيضاً أن الذي يبتغي وراء ما ذكر ملوم من نفسه ومن الناس لما يُحدث في