وجهُ ارتباط هذه الآية بما قبلَها ظاهر، إذ أن كلاًّ من الفروج والأمانات ينبغي أن يُحفَظَ، فالفروج ينبغي أن تُحفظ وتصان وكذلك الأمانات. ومن لم يحفظ الأمانة والعهد، فهو مَلُومٌ كما هو شأن من لم يحفظ فرجه. ومن ابتغى ما لا يحلُّ له من الفروج عادٍ، وكذلك الباغي على الأمانة عادٍ ظالم.
وقد قدم الأمانة على العهد، وجمع الأمانة وأفرد العهد. أما جمع الأمانة، فلتعددها وتنوعها فهي كثيرة جداً، فمن ذلك ما يُؤْتَمنُ عليه الشَخصُ من ودائع الناس وأموالهم، ومنها ما يطّلع عليه من أسرار الناس وأحوالهم، ومنها الأقوال التي يسمعها ويُستأمنُ عليها مما لا يصح أن يذيعه منها، ومنها أن يودع شخصٌ أهلاً له عند شخصٍ حتى يعودَ ويقول له: هؤلاء أهلي وصغاري عندك أمانة حتى أعود، أو حتى يكبروا، فهو يتولى أمرهم ويرعاهم، والزرعُ قد تجعله أمانةً عند شخص فيرعاه ويتعهده ويحفظه، والحكم أمانة، والرعية أمانة عند أميرهم ومتولِّي أمرهم، والقضاء أمانة ثقيلة، والشرع أمانة، قال تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال}[الأحزاب: ٧٢] .
جاء في (البحر المحيط) : "والأمانة الظاهر أنها كل ما يُؤْتَمَنُ عليه من أمر ونهي، وشأن ودين ودنيا، والشرع كله أمانة، وهذا قول