الأمانة ما روى الكلبي: كلُّ أحدٍ مؤتمن على ما افتُرض عليه من العقائد والأقوال والأحوال والأفعال، ومن الحقوق في الأموال، وحقوق الأهل والعيال وسائر الأقارب والمملوكين والجار وسائر المسلمين، وقال السدي: إن حقوق الشرع كلها أمانات قد قَبِلَها المؤمن وضمن أداءها بقبول الإيمان. وقيل: كل ما أعطاه الله تعالى للعبد من الأعضاء وغيرها أمانة عنده، فمن استعمل ذلك في غير ما أعطاه لأجله، وأذن سبحانه له به، فقد خان الأمانة.
فقد رأيت من تَعَدُّدها وتَنوُّعِها وتشعبها، ما يدعو إلى جمعها وليس كذلك العهد، فأفرد العهد وجمع الأمانة. وأما تقديمها على العهد، فلأهميتها كما رأيت، وحسب ذلك أن تكون الشرعَ كله كما مر، وحسبك من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"الإيمان أمانة، ولا دين لمن لا أمانة له". وقوله:"لا إيمان لمن لا أمانة له"
وجاء في (فتح القدير) : "والأمانةُ أعم من العهد، فكلُّ عهدٍ أمانة".
أما اختيار كلمة (راعون) مع الأمانة والعهد دون (الحفظ) الذي استُخدم مع الفروج، فله سبب لطيف ذلك أن (راعون) اسم فاعل من (رعى) وأصل الرعي حفظ الحيوان، وتولي أمره وتفقد شأنه.
جاء في (الكشاف) : "والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلاح، كراعي الغنم وراعي الرعية. ويقال: مَن راعي هذا الشيء؟ أي: مُتولِّيه وصاحبه".