والمحافظة على الصلاة غير الدوام عليها:"فإن معنى الدوام هو أن لا ينشغل عنها بشيء من الشواغل"، وأن ينهمك بها ويواظب على أدائها. أما المحافظة عليها فتعني مراعاة شرائطها وإكمال فرائضها وسننها وأذكارها، كما سلف بيان ذلك.
وارتباط هذه الآية بما قبلها واضح فهي مرتبطة بقوله:{وَجَمَعَ فأوعى} ذلك أن القصد من جعل المال في وعاء، هو المحافظة عليه. والصلاة أدعى وأولى بالمحافظة عليها.
ومرتبطةٌ بصفة الهلع أيضاً ذلك أنها علاج لهذه الصفة المستهجنة بشقيها. فالمحافظة على الصلاة في مختلف الأوقات وتباين الأزمان في أوقات الرخاء والشدة، والعسر واليسر، والمرض والعافية، والشر والخير من المنجيات من هذه الصفة، ذلك أن المحافظة عليها تحتاج إلى الصبر الطويل، لذلك قال تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة واصطبر عَلَيْهَا}[طه: ١٣٢] ، وتحتاج إلى البذل والسماح بالخير، وقد وصف الله تعالى رجالاً من المؤمنين بقوله:{رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصلاة}[النور: ٣٧] . فالصلاةُ إذا حضرت أهمُّ من التجارة والبيع، فهم يفرطون بالصفقات واحتمال الربح في جنب الصلاة.
إن الصفات المذكورة أنفع علاج لصفة الهلع المقيت، وإن القائمين بهذه الصفات إنما هم ناجون منها مستثنَون من أهلها معافَون من بَلْواها.