والجواب: أن هناك أكثر من سبب يدعو إلى هذا الاختيار.
منها أن مقاطع (فأتصدق) أكثر من مقاطع (فأصّدّق) . فإن مقاطع (فأتصدق) ستة ومقاطع (فأصّدّق) خمسة:
فَ + أَ + تَ + صد + دَ + قَ = ستة مقاطع.
فَ + أص + صد + دَ + قَ = خمسة مقاطع.
وهو طلب التأخير إلى أجل قريب فاختار اللفظة التي هي أقصر لتناسب قصر المدة.
ثم إن في (فأصّدّق) تضعيفين أحدهما في الصاد، والآخر في الدال في حين أن في (فأتصدق) تضعيفاً واحداً موطنه الدال، والتضعيف مما يدل على المبالغة والتكثير، ولذا كان في قوله:(فأصّدّق) من المبالغة والتكثير في الصدقة ما ليس في (فأتصدق) فدلّ بذلك أنه أراد أجلاً قريباً ليكثر من الصدقة ويبالغ فيها.
فهذا البناء أفاد معنيين:
الأول: قصر المدة وذلك لأنه طلب التأخير مدة قصيرة.
والآخر: هو الإكثار من الصدقة في هذه المدة القصيرة فكان ذلك أنسب.
من هذا ترى أنه وضعَ كلَّ تعبير في مكانه الذي هو أليقُ به، وأعطى كلاً منهما حقه الذي هو له. فانظر كيف جمع بين معنيي التعليل والشرط. وقدم الصدقة مناسبة للمقام وأعطى الصلاح أهميةً تفوقُ الصدقة، وجاء بلفظةٍ تدلُّ على قِصَرِ المدة والإكثار من الصدقة فجمعت معنيين مناسبة للمقام؛ كلُّ ذلك بأوجز عبارة وأبلغها. والله أعلم.