ثم انظر كيف أنه لما بالغ في إرادة الفجور والرغبة فيه، بالغ في اللوم فجاء بصيغة المبالغة، فقال:{اللوامة} ولم يقل (اللائمة) للدلالة على كثرة اللوم، فانظر المناسبة بين المبالغة في الفجور والمبالغة في اللوم، وكيف أنه لَمَّا بالغَ في أحدهما بالغ في الآخر.
ثم قال بعد ذلك:
{يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القيامة} .
وهذا "سؤال مُتعنِّتٍ مُسْتبعدٍ لقيام الساعة" وقد جاء بأداة الاستفهام (أيّان) التي تدل على شدة الاستبعاد. وهذا المتعنِّت المستبعد لقيام الساعة هو الذي يقدم الفجور والمعصية ويؤخر التوبة، وهو المذكور في الآية السابقة.
وقال بعد ذلك:
{فَإِذَا بَرِقَ البصر * وَخَسَفَ القمر * وَجُمِعَ الشمس والقمر * يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المفر} .
وهذه الآيات كأنها جواب السائل عن موعد القيامة المستبعد لوقوعها. وقد بدأ التعبير بـ (إذا) الدالة على الزمان لأن السائل إنما سأل عن زمنها وموعدها، فكان الجواب بالزمان كما كان السؤال عن الزمان.
ومعنى:{بَرِقَ البصر} دهش فلم يبصر، وقيل:: تَحيَّر فلم يطرف. وبرق بصره، أي: ضعف.