وهي هنا تفيد هذه المعاني كلها، فهي تفيد (الاستقرار) ، أي: إلى ربك الاستقرار، وتفيد موضع الاستقرار وهو الجنة والنار أي إن ذلك إلى مشيئته تعالى.
جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} : "إلى ربك خاصة (يومئذ) مستقرُّ العباد، أي: استقرارهم، يعني أنهم لا يقدرون أن يستقروا إلى غيره وينصبوا إليه. أو إلى حكمه ترجع أمورُ العباد لا يحكم فيه غيره كقوله:{لِّمَنِ الملك اليوم}[غافر: ١٦] أو إلى ربك مستقرّهم، أي: موضع قرارهم من جنة أو نار".
وجاء في (البحر المحيط) : "المستقر، أي: الاستقرار أو موضع استقرار من جنة أو نار إلى مشيئته تعالى: يُدْخِلُ مَنْ شاء الجنة، ويدخل من شاء النار بما قدم وأخر".
وتفيد زمان الاستقرار أيضاً، أي أن وقت الفصل بين الخلائق، وسَوقهم إلى مستقرهم عائد إلى مشيئته تعالى. فهم يمكثون في ذلك اليوم ما يشاء الله أن يمكثوا، ثم هو يحكم بوقت ذهابهم إلى مواطن استقرارهم، فكلمة (مستقر) أفادت ثلاثة معان مجتمعة علاوةً على ما تقتضيه الفاصلةُ في نهاية الآيات. ولا تغني كلمةٌ أخرى عنها، فلو أبدلت بها (الاستقرار) ما أدّت تلك المعاني، فهي أنسبُ كلمة في هذا الموضع.
ثم قال بعد ذلك:
{يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} .
والمعنى أن الإنسان يُنَبَّأُ بما قدّم من عملِ خيرٍ أو شر، وبما أخّر من عملٍ كان عليه أن يعمله، فلم يعمله.