المستقر} والفارُّ يطلب ملجأ يأوي إليه ويعتصم به ويطلب الاستقرار ولكن لا استقرار إلا إلى الله، فإليه وحده المستقَرُّ.
وتقديم الجار والمجرور يفيد القصرَ والاختصاص، فليس ثمة مستقر إلى سواه. وهذا التقديم يقتضيه الكلام من جهتين:
من جهة المعنى وهو الاختصاص والقصر، وتقتضيه فاصلةُ الآية أيضاً.
وتقديم (يومئذ) كذلك يقتضيه الكلام من هاتين الجهتين أيضاً. فالمستقَرُّ في ذلك اليوم خاصةً إلى الله سبحانه، أما في الدنيا فالإنسان قد يجد مستقراً يأوي إليه ويستقر فيه، أما في ذلك اليوم، فلا مستقرَّ إلا إلى الله.
وتقديم {إلى رَبِّكَ} على {يَوْمَئِذٍ} له سببه أيضاً ذلك أن الإنسان في تلك الحالة، يبحث عن مكان يفر إليه ويستقر فيه، فقدم له ما يبحث عنه، وقال له:{إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} لأنه هو الأهم، وهو المقصود.
واختيار كلمة (رب) ههنا اختيار مقصود، فالرب هو المالك والسيّد والمدبّر والمربّي والقيّم والمنعم. وربُّ كلِّ شيء مالكهُ ومستحقه.
والفارُّ إلى مَنْ يلتجىء؟ هل يلتجىء إلا إلى سيده ومالكه وصاحب نعمته ومدبّر أمره والقيّم عليه؟
فهو وزَرهُ وإليه مستقرُّه، فهل ترى أنسب من كلمة (رب) ههنا؟
ثم إن اختيار كلمة (مستقر) اختيار دقيق محكم أيضاً، ذلك أن هذه الكلمة تدل على المصدر بمعنى الاستقرار، وتدل على اسم المكان بمعنى مكان الاستقرار، وتدل على اسم الزمان، بمعنى الاستقرار.