للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العاجلةَ على الآخرة، فهو طبعٌ عام في البشر خُلقوا عليه كما قال تعالى: {خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧] فالموضوع إذن موضوع واحد هو العجلة.

وكلاهما يتعجَّلُ ما هو أثيرٌ لديه ومُفصَّلٌ عنده.

جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة} ، كأنه قال: بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتكم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة: {وَتَذَرُونَ الآخرة} ... فإن قلت: كيف اتصل قوله: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} إلى آخره بذكر القيامة؟ قلت: اتصاله به من جهة التخلص منه إلى هذا التوبيخ بحب العاجلة وترك الاهتمام بالآخرة".

وجاء في (روح المعاني) في هذه الآية: {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة * وَتَذَرُونَ الآخرة} تعميم الخطاب للكل كأنه قيل: بل أنتم يا بني آدم لما خُلقتم من عجل وجبلتم عليه تعجلون في كل شيء ولذا تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ويتضمن استعجالك، لأن عادة بني آدم الاستعجال ومحبة العاجلة.. ومنه يعلم أن هذا متصل بقوله سبحانه: {بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} فإن الإنسان يسوفّ بتوبته ويغرّه أَملُه ويُؤثِرُ ما بين يديه ويغمسُ نفسه في شهواته، ويَستحبُّ عاجلَ حياته ولا ينظر فيما وراء ذلك من أمور الآخرة، فهي متصلة بما قبلها وبقوله: {بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} أتَمَّ اتصال.

<<  <   >  >>