للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإسناد إلى ضمير الجمع هنا له دلالة إضافة إلى التعظيم الذي يفيده ضمير الجمع ذلك أن القارئ هو جبريل، وليس الله.

جاء في (التفسير الكبير) في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فاتبع قُرْآنَهُ} "جعل قراءة جبريل عليه السلام قراءته ... ونظيره في حق محمد عليه الصلاة والسلام {مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله} [النساء: ٨٠] . وجاء في (البحر المحيط) : "فإذا قرأناه، أي: الملَك المُبلِّغ عنا".

وكذلك المبيِّن في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} فالذي يبيّن للرسول ويوضح هو الملَك، فهو يقرأ بأمر الله ويبيّن بأمر الله فالأمر مشترك. الله يأمر والملك يبلّغ، ولذا عبر بأسلوب الجمع، والله أعلم، وأظن أن الفرق واضح بين قوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فاتبع قُرْآنَهُ} والقول: (فإذا قرأتُه فاتّبع قرآنه) .

والقول في التقديم في {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} هو هو في الآية قبلها. فإن تقديم الجار والمجرور يفيد الاختصاص أيضاً ذلك أن تبيين ما أشكل منه مختص به تعالى.

وقال بعد ذلك: {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة * وَتَذَرُونَ الآخرة} .

والعاجلة يُؤثِرها بنو آدم على وجه العموم، ويقدمونها على الآخرة. وارتباطها بما قبلها وهو قوله تعالى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} ظاهر. فكلتاهما في العجلة وإيثارها، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان ينازع جبريل القراءة ولا يصبر حتى يتمها ليأخذه على عجل، والناس على وجه العموم يؤثرون

<<  <   >  >>