قيل: معناه لَفُّهما في الكفن، وقيل: انتهاء أمرهما بالموت، وكل ما قيل في تفسير الآية يراد به حالة من حالات الموت الذي حصل يقيناً لا ظناً.
{إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} .
إن تركيب هذه الآية نظير آية {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} ، فإن تقديم {إلى رَبِّكَ} يفيد القصر والاختصاص، فإن الناس يُساقون إلى ربهم وليس إلى مكان أو ذاتٍ أخرى، فسَوقهم مختص بأنه إلى الله وحده لا إلى غيره.
وكذلك تقديم (يومئذ) فالمساق إليه سبحانه يكون في ذلك اليوم خصوصاً، وهو يوم مفارقة الدنيا.
وقدم {إلى رَبِّكَ} على {يَوْمَئِذٍ} لأنه هو المهم لأنها جهة المساق ومُنتهاه ومستقره. وقد قال في آية سابقة:{إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} وقال هنا: {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} فاختير لفظ (المساق) ههنا لأن الآية في مفارقة الروح الجسد عند الموت، فيذهب بالميت بعد ذلك ويساق إلى ربه، ثم يوضع في القبر، والقبر ليس مستقرّاً ولا موطن إقامة، وإنما هو موطن زيارة كما قال تعالى:{أَلْهَاكُمُ التكاثر * حتى زُرْتُمُ المقابر}[التكاثر: ١-٢] فسماها زيارة ولم يسمها مكثاً أو إقامة.
أما الآية الأولى فهي في يوم القيامة، يوم قيام الناس من قبورهم والذهاب بهم إلى مستقرهم في الجنة أو النار. وقد سمى الله الجنة مستقرّاً وكذلك النار قال تعالى:{أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}[الفرقان: ٢٤] . فالمساق ينتهي إلى المستقر كما قال تعالى: {وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً حتى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ