واختيار هذا الدعاء أنسب شيء ههنا، فهو دعاء عليهم وتهديد لهم بالويل القريب والشر الوشيك العاجل، فهو مناسب لإيثارهم العاجلة وتقديمهم الفجور والشهوات وتأخيرهم الطاعات، فكما عجّلوا في فجورهم وشهواتهم ومعاصيهم عجل لهم الويل والثبور. وهو مناسب لجو العجلة في السورة الذي ذكرنا قسماً من مظاهره.
لقد ورد هذا الدعاء في سورة محمد فقال:{فأولى لَهُمْ} غير أننا نلاحظ الفروق التعبيرية الآتية بينهما:
١- إنه كرر الدعاء في سورة القيامة في الآية الواحدة فقال:{أولى لَكَ فأولى} ولم يكرره في سورة محمد بل قال: {فأولى لَهُمْ} .
٢- ثم إنه عاد فكرر الآية:{أولى لَكَ فأولى} كلها في سورة القيامة، فكان تكراران: تكرار جزئي في الآية، وتكرار كلي للآية.
٣- في آية {أولى لَكَ فأولى} كرر لفظ {أولى} ولم يكرر {لَكَ} .
٤- فَصَلَ بين الدعاءين في الآية الواحدة بالفاء.
٥- فصل بين الآيتين بـ (ثم) .
وبالتأمل في السياقين نجد السبب واضحاً.
قال تعالى في سورة محمد:{وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القتال رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت فأولى لَهُمْ}[محمد: ٢٠] .
وقال في سورة القيامة:{فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى * ولاكن كَذَّبَ وتولى * ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى * أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى} .