فليس ثمة حصر، ولذا لم يقدم الجار والمجرور في الدنيا، فقد كانت له فيها الحرية. أما الآن فهو مَسُوقٌ سوقَ العبدِ إلى مولاه وربه وسيده.
ثم انظر كيف أنه لم يذكر (يومئذ) في الدنيا بخلاف يوم موته وسَوقه. فإنه كان في الدنيا يذهب كل يوم وليس في يوم معيّن، أما سَوقه إلى ربه فذلك في يوم معين وهو يوم الفراق فلم يحتج إلى ذكر اليوم في الدنيا بخلاف يوم المساق.
فانظر كيف تقابل التعبيران والمشهدان.
قوله:{أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى} .
{أولى لَكَ} عبارة تقال على جهة الزجر والتوعّد والتهديد. تقول لمن تتوعده وتتهدده، (أولى لك يا فلان) أي: ويل لك. واشتقاقها من (الوَلْي) وهو القرب، فهو اسم تفضيل يفيد قرب وقوع الهلاك.
جاء في (الكشاف) : {فأولى لَهُمْ}[محمد]"وعيدٌ بمعنى: فويلٌ لهم، وهو أفعل من الوَلْي وهو القرب ومعناه: الدعاء عليهم بأن يَلِيَهم المكروه".
وجاء في (روح المعاني) : {أولى لَكَ فأولى}"من الوَلْي بمعنى القرب، فهو للتفضيل في الأصل غلب في قرب الهلاك ودعاء السوء، كأنه قيل: هلاكاً أَولى لك بمعنى: أهلككَ اللهُ تعالى هلاكاً أقرب لك من كل شر وهلاك.. وفي الصحاح عن الأصمعي، قاربَهُ ما يُهْلِكُه: أي نزل به ... وقيل: اسم فعل مبني ومعناه: وَلِيكَ شَرٌّ بعد شر".