للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى} .

يتمطى، يتبختر وأصله من المطا، وهو الظهر، أي: يَلْوي مطاه تبختراً. وقيل أصله يتمطّط، أي: يتمدد في مشيته ومَدِّ منكبيه قلبت الطاء فيه حرفَ عِلَّة كراهة اجتماع الأمثال مثل تظنَّى من تظنّن.

وهذه الآية مرتبطة بقوله تعالى: {تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} .

والفاقرة هي الداهية التي تقصم فقار الظهر. فهذا الذي يتبختر في مشيته ويلوي ظهره، سيقصم فقار ظهره، فلا يستطيع حراكاً. وهو جزاءٌ من جنس العمل، أفلم يكن يلوي ظهره ويتبختر، فسيحطّم هذا الظهر الذي طالما لواه وتبختر به.

وهذا أنسبُ عقابٍ له. ولو قال بدل ذلك مثلاً: ستصيبه داهيةٌ أو تحل به كارثة أو قارعة لم تجده يَحْسُنُ هذا الحُسْنَ، ولا يرتبط به مثل هذا الارتباط، فإن ذلك لا يجانس تَمطّيه.

وهي مرتبطة أيضاً بقوله تعالى: {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} فهو كان يذهب إلى أهله وينقلب إليهم متى شاء، أما الآن فإنه يُساق سَوقاً إلى ربه وسيده على الرغم من أَنْفِهِ.

ثم انظر كيف قدم الجار والمجرور في السَّوق فقال: {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} لأنه ليس له اختيار، وإنما هو مَذهوبٌ به إلى جهة واحدة. أما في الدنيا فهو ينقلب إلى أهله وإلى عمله، وإلى أصدقائه وإلى من شاء،

<<  <   >  >>