للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد فرق بين الآيتين بـ (ثم) وذلك لجملة أسباب:

منها أن {ثُمَّ} قد تفيد عموم البعد والتباين وليس المقصود بها التراخي في الزمن فقط، ومن ذلك قولهم: (أعجبني ما صنعته اليوم، ثم ما صنعته أمس أعجب) .

ونحو ذلك قوله تعالى: {فَلاَ اقتحم العقبة * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} [البلد: ١١-١٧] .

دخلت {ثُمَّ} لبيان تفاوت رتبة الفك والإطعام من رتبة الإيمان.

فما بعد (ثم) أبعد من الرتبة مما قبلها، وكذلك ههنا فإن التهديد أقوى من الأول.

وقيل: إن التكرار ههنا مبالغة في التهديد والوعيد.

ومنها: إنه جاء بـ (ثم) لتوكيد الكلام، إذ أن جملة التوكيد قد يفصل بينها وبين المؤكدة بحرف العطف، تقول: والله ثم والله. وفي (روح المعاني) : "إنها كُرِّرت للتأكيد".

وربما جاء بـ (ثم) للتراخي الزمني أيضاً، إذ هناك عذاب في القبر وعذاب في الآخرة، وبينهما مدة مديدة كما قال تعالى في آل فرعون: {النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب} [غافر: ٤٦] .

<<  <   >  >>