وعلا فيها الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة، وإطعام في يوم ذي مسغبة. وكذا لما ذكر - عز وجل - النفس المطمئنة هناك ذكر سبحانه بعض ما يحصل به الاطمئنان".
ثم انظر من ناحية أخرى، كيف أن هذه السورة - أعني سورة البلد - استوفت عناصرَ البلاغ والإرسال، فقد ذكرت موطنَ الرسالة، والرسول، والمرسَل إليهم، والرسالة. فقد ذكرت (مكة) وهي المرادة بقوله: {بهاذا البلد} ، والرسول: وهو المراد بقوله: {وَأَنتَ حِلٌّ بهاذا البلد} وذكرت المرسل إليه وهو {الإنسان} ويدخل فيه أيضاً: (الوالد وما ولد) ، وذكرت الرسالة، وهي الإيمان والعمل الصالح، وهو ما ذكرته من فك الرقبة ونحوه من الأعمال الصالحة. وذكرت أصنافَ الخَلْقِ بالنسبة للاستجابة إلى الرسالة، وهم أصحاب الميمنة الذين اقتحموا العقبة وأصحاب المشأمة، وهم الكفرة. فانظر أيّ عموم واستيفاء وشمول في هذه السورة المباركة؟
{لاَ أُقْسِمُ بهاذا البلد * وَأَنتَ حِلٌّ بهاذا البلد * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ} .
لقد أقسم الله تعالى بما ذكر "على أن الإنسان خُلق مغموراً في مكابدة الشدائد والصعاب".
فقد أقسم سبحانه بالبلد الحرام في حال حلول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه وإقامته به يُبلِّغ دعوته.
وقد تقول: ولِمَ قال: {وَأَنتَ حِلٌّ} ولم يقل: وأنت حالٌّ أو مقيمٌ بهذا البلد؟