اللبد: هو الكثير المجتمع من تَلَبَّدَ الشيءُ إذا اجتمع.
ومعنى الآية: إنه يقول إنه أنفق مالاً كثيراً، وهو يقول ذاك إما على جهة الافتخار أو على جهة التحسر.
جاء في (الكشاف) : "يريد كثرة ما أنفقه فيما كان أهل الجاهلية يسمونها، مكارمَ ويَدْعونها معاليَ ومفاخر".
وجاء في (روح المعاني) : "أي: يقول ذلك وقت الاغترار فخراً ومُباهاةً وتَعظُّماً على المؤمنين وأراد بذلك ما أنفقه رياءً وسمعة ... وقيل: المراد ما تقدم أولاً، إلا أن هذا القول وقت الانتقام منه، وذلك يوم القيامة. والتعبير عن الإنفاق بالإهلاك لما أنه لم ينفعه يومئذ".
وقد عبر عن الإنفاق بالإهلاك، فإنه لم يقل:(أنفقت مالاً) كما هو الشائع في استعمال القرآن الكريم. واختيار تعبير الإهلاك في هذا الموطن أحسن اختيار وأجمله، فإنه المناسب لجو السورة، وذلك أنه مناسب لجو المشاق والشدائد التي تؤدي إلى الهلاك وتفضي إليه. وهو متناسبٌ مع ما يعانيه الرسول وأصحابه في البلد الحرام من الشدائد والمحن التي قد أدت ببعضهم إلى الهلاك كياسر وسمية، ومتناسبٌ مع حسبان الإنسان أنْ لن يقدِر عليه أحد فيهلكه، ومتناسب مع ذكر العقبة التي قد تفضي إلى الهلاك. ومتناسب مع ذوي المسغبة من اليتامى والمساكين وهلاكهم من الجوع إن لم يُطْعَمُوا، ومتناسب مع خاتمة أصحاب المشأمة التي هي هلاك مقيم.