للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقبة، فهو لم يؤمن ولم يطعم المحتاجين من اليتامى والمساكين ولم يتواص بعمل الخير.

ويحتمل أن هذا الإنسان فرداً كان أم صنفاً لا يقتحم العقبة في المستقبل، لأن من كان هذا وصفُه لا يقتحم العقبة، إلا إذا آمن وغيّر من حاله. فهو لم يقتحم العقبة في الماضي ولا يقتحمها في المستقبل، بل هو باقٍ على حاله على وجه الدوام.

ويحتمل أن هذا التعبير دعاء على هذا الصنف أو الشخص بألاّ يقتحم العقبة كما في قوله تعالى: {ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: ١] وقوله: {قَاتَلَهُمُ الله أنى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: ٣٠] . فإن من كان هذه صفته لا يستحق الدعاء له بالخير.

كما يحتمل الاستفهام المراد به التنديم والتوبيخ على ما فرط والحض على الإنفاق بمعنى "ألا اقتحم العقبة" وقد حذفت منه الهمزة. ونحو هذا وارد في القرآن الكريم والفصيح من كلام العرب، فقد جاء فيه قوله تعالى: {وَجَآءَ السحرة فِرْعَوْنَ قالوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} [الأعراف: ١١٣-١١٤] . بدلالة قوله تعالى: {قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المقربين} [الشعراء: ٤١-٤٢] .

ونحو قول الشاعر:

قالوا: تحبها؟ قلت: بهراً.

أي: أتحبها؟ وقول الكميت:

طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ ... ولا لعباً مني وذو الشيب يلعبُ

أي: أَوَذُو الشيبِ يلعب؟

وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فقد جمع هذا التعبير عدة معان في آن واحد: المضي والاستقبال والتوبيخ والحض والدعاء. فهو أخبر أنه لم

<<  <   >  >>