يقتحم العقبة فيما مضى من عمره، وأنه لا يقتحمها في المستقبل، وأنه وَبَّخه على ذلك، ودعا عليه بعدم اقتحامها.
فانظر كيف جمع هذا التعبير هذه المعاني، وكلها مُرادةٌ مطلوبة وأنه لو جاء بأي حرف آخر غير (لا) لم يُفِدْ هذه المعاني الكثيرة المتعددة. فهو لو قال:(ما اقتحم العقبة) أو (لم يقتحم العقبة) لم يفد إلا الإخبار عنه في الماضي. فانظر كيف وسَّعت (لا) المعنى وجمعت معاني عدة في تعبير واحد؟
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة} .
هذا الأسلوب من أساليب التفخيم والتعظيم والتهويل ونحوه قوله:{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة}[القارعة: ٣] وقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحاقة}[الحاقة: ٣] و {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة}[الهمزة: ٥] تعظيماً لأمرها. ثم فسر العقبة بعد ذلك بقوله:{فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ} .
{فَكُّ رَقَبَةٍ} .
"وفك الرقبة: تخليصها من رق أو غيره. وفي الحديث: "أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دُلّني على عمل يُدخلني الجنة، فقال: تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال: أَوَليسا سواء؟ قال: لا. إعتاقها: أن تنفرد بعتقها. وفكها: أن تعين في تخليصها من قوَدٍ أو غُرْم".
وجاء في (فتح القدير) : "كل شيء أطلقته، فقد فككته، ومنه فك الرهن، وفك الكتاب.. والفك في الأصل حل القيد، سمي العتق فكاً، لأن الرق كالقيد، وسمي المرقوق رقبة، لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته".