للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومرتبط بقوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ} لأن المكابدة والمشقة والشدة، تحتاج إلى صبر.

وسلوك النجدين يحتاج إلى صبر لما في صعودهما وسلوكهما من تعب ونَصَب، واقتحام العقبة يحتاج إلى صبر، والرقبة المستَرَقّة تحتاج إلى صبر على القيام بشأن العبودية، وقضاء اليوم ذي المسغبة يحتاج إلى صبر كثير وشديد. واليتيم يحتاج إلى صبر، وكذلك المسكين ذو المتربة، فإن هذه الأصناف تحتاج إلى صبر طويل.

والذين آمنوا يحتاجون إلى الصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي. فانظر كيف ارتبط الصبر بالسورة وكيف بُنيت السورة عليه؟

وكذلك الرحمة فإن ذكرها مع الصبر أحسن ذكر وأجمله. فهي مرتبطة بقوله: {وَأَنتَ حِلٌّ بهاذا البلد} على كل معاني (الحلّ) فإذا كان حالاًّ يبلّغ دعوة ربه فإنه أحرى أن يُعامَلَ بالرحمة لا بالأذى. وإذا كان المعنى أنه حلالٌ للرسول هذا البلد وذلك في فتح مكة فقد عامل الرسول قريشاً بالرحمة والإحسان، وقال في ذلك اليوم: "اليومَ يومُ المَرْحمة". وقال لهم: "ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ " قالوا: خيراً، أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم. فقال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"

فانظر أيّ رحمة هذه؟

ومرتبطة بقوله: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} فإن العلاقة بين الوالد وولده، علاقة رحمة وبرٍّ.

وهذا الذي أهلك مالاً لُبداً، يحتاج إلى الرحمة لينفق المال على ذوي الحاجة، ولئلا يهلكه فيما لا ينفع.

وذو الرقبة المسترَقّة محتاجٌ إلى الرحمة والإشفاق.

<<  <   >  >>