للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَخَاضُوا مَعَ الْخَايِضِينَ، وَدَخَلُوا فِي مَيْدَانِ الْمُتَحَيِّرِينَ، وَابْتَدَعُوا مِنَ الْأَدِلَّةِ مَا هُوَ خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ رَغْبَةً لِلْغَلَبَةِ وَقَهْرِ الْمُخَالِفِينَ لِلْمَقَالَةِ.

ثُمَّ اتَّخَذُوهَا دِينًا وَاعْتِقَادًا بَعْدَ مَا كَانَتْ دَلَايِلَ الْخُصُومَاتِ وَالْمُعَارَضَاتِ، وَضَلَّلُوا مَنْ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَسَمَّوْا بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَمَنْ خَالَفَهُمْ وَسَمُوهُ بِالْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدَمٌ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَسْعَ فِي طَلَبِهَا؛ لِمَا يَلْحَقُهُ فِيهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الدَّعَةَ وَالرَّاحَةَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى اسْمِهِ دُونَ رَسْمِهِ لِاسْتِعْجَالِ الرِّيَاسَةِ، وَمَحَبَّةِ اشْتِهَارِ الذِّكْرِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَالتَّلَقُّبِ بِإِمَامَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَجَعَلَ دَأْبَهُ الِاسْتِخْفَافَ بِنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ، وَتَزْهِيدَ النَّاسِ أَنْ يَتَدَيَّنُوا بِالْآثَارِ؛ لِجَهْلِهِ بِطُرُقِهَا، وَصُعُوبَةِ الْمَرَامِ بِمَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا، وَقُصُورِ فَهْمِهِ عَنْ مَوَاقِعِ الشَّرِيعَةِ مِنْهَا، وَرُسُومِ التَّدَيُّنِ بِهَا، حَتَّى عَفَتْ رُسُومُ الشَّرَائِعِ الشَّرِيفَةِ، وَمَعَانِي الْإِسْلَامِ الْقَدِيمَةُ، وَفُتِحَتْ دَوَاوِينُ الْأَمْثَالِ وَالشُّبَهِ، وَطُوِيَتْ دَلَايِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَانْقَرَضَ مَنْ كَانَ يَتَدَيَّنُ بِحُجَجِهَا؛ لِلْأَخْذِ بِالثِّقَةِ، وَيتَّمَسَّكُ بِهِمَا لِلضِّنَّةِ، وَيَصُونُ سَمْعَهُ عَنْ هَذِهِ الْبِدَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>